فصل: أبو القاسم هبة اللّه بن الحسين بن أحمد البغدادي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأنباء في طبقات الأطباء **


 أبو القاسم هبة اللّه بن الحسين بن أحمد البغدادي

من الحكماء الفضلاء والأدباء النبلاء طبيب عالم وفيلسوف متكلم وغلبت عليه الحكمة وعلم الكلام والرياضي وكان متقناً لعلم النجوم والرصد وكان البديع الاصطرلابي صديقاً لأمين الدولة بن التلميذ وحكي أنه اجتمع على أمين الدولة بأصبهان في سنة عشرة وخمسمائة وحدثني مهذب الدين أبو نصر محمد بن محمد بن إبراهيم بن الخضر الحلبي قال كان البديع الاصطرلابي أوحد زمانه في علم الاصطرلاب وعمله وإتقان صنعته فعرف بذلك أقول وكان والد مهذب الدين أبي نصر من طبرستان وهو المعروف بالبرهان المنجم وكان علامة وقته في أحكام النجوم وله حكايات عجيبة في ذلك وقد ذكرت أشياء منها في كتاب إصابات المنجمين وكان قد اجتمع بالبديع الاصطرلابي وصاحبه مدة وللبديع الاصطرلابي نظم جيد حسن المعاني‏.‏

ومن شعر البديع الاصطرلابي وهو مما أنشدني مهذب الدين أبو نصر محمد ابن محمد بن إبراهيم الحلبي قال أنشدني والدي قال أنشدني البديع الاصطرلابي لنفسه يا ابن الذين مضوا على دين الهدى والطاعنين مقاعد الإعدام فوجوههم قبل العلى وأكفهم سحب الندى ومنابر الأقلام وأنشدني أيضاً قال أنشدني والدي قال أنشدني المذكور لنفسه كالبحر يمطره السحاب وماله مَنٌّ عليه لأنه من مائه وأنشدني أيضاً قال أنشدني والدي قال أنشدني المذكور لنفسه قام إلى الشمس بآلاته لينظر السعد من النحس فقلت أين الشمس قال الفتى في الثور قلت الثور في الشمس وأنشدني أيضاً قال أنشدني والدي قال أنشدني المذكور لنفسه قيل لي قد عشقته أمرد الخد وقد قيل إنه نكريش قلت فرخ الطاووس أحسن ما كا - - ن إذا ما علا عليه الريش وأنشدني أيضاً قال أنشدني والدي قال أنشدني المذكور لنفسه هل عثرت أقلام خط العذار في مشقها فالخال نقط العثار أم استدار الخط لما غدت نقطته مركز ذاك المدار وريقة الخمر فهل ثغره در حباب نظمته العقار وقال أيضاً وذو هيئة يزهو بخال مهندس أموت به في كل وقت وأبعث وأنشدني أيضاً قال أنشدني والدي قال أنشدني المذكور لنفسه جواباً عن قصيدة كتبها إليه القيسراني أولها ‏)‏أعرب الفضل من بديع الزمان عن معان عزت على يونان ما تلاها لما تلاها ولكن فاتها حائزاً خصال الرهان قال مهذب الدين أبو نصر محمد فرد على جوابها قصيدة لم يبق على ذكري منها شيء سوى هذه الأبيات أيها السيد الذي أطراني بمديح كالدار قد أطغاني والذي زاد في محلي وقدري وأذلَّ الشاني بتعظيم شاني فتعنفقت أي باني كما قا - - ل مجيب الطباع سهل الجنان وترشحت للجواب فأعيا - - ني وانسل هارباً شيطاني مجبلاً مجبلاً يقول اتق اللّه فمالي بما ترم اليدان أتظن الوهاد مثل الروابي أم تخال الهجين مثل الهجان أم تجاري طرفاً يفوت مدى الطر - - ف إذا ما تجاريا في مكان ومن شعر البديع الاسطرلابي أيضاً قال في غلام معذر كن كيف شئت فإنني قد صغت قلباً من حديد وقعدت أنتظر الكسو - - ف وليس ذلك من بعيد وقال أيضاً تقسم قلبي في محبة معشر بكل فتى منهم هواي منوط كان فؤادي مركز وهم له محيط وأهوائي إليه خطوط وقال أيضا وشادن في حبه سنَّة قدْ جعلت حبي له فرضا أرضى بأن أجعل خدي له إذا مشى منتعلا أرضا وقال أيضاً أذاقني خمرة المنايا لما اكتسى خضرة العذار وقد تبدى السواد فيه وكارتي بعد في العيار وقال أيضاً هجرت النكاريش ثم انثنيت أعنف من بات يهواهم وقال أيضاً تاه على الناس بإغرائه أي فاحذروني أنني ملسن إن كان في أقواله معربا فإنه في فعله يلحن وقال أيضاً يهجو مستيقظ فإذا استضيف به يصير من النيام وتراه في عدد الطغا - - م إذا رأى مضغ الطعام تبدو مصائبه العظا - - م أو أن تجريد العظام وقال يهجو أيضاً وفاصد مبضعه مشرع كأنه جاء إلى حرب فصد بلا نفع فما حاصل غير دم يخرج من ثقب لو مر في الشارع من خارج لمات من في داخل الدرب خذه إذا جاشت عليك العدا فوحده يغنيك عن حرب وقال أيضاً وقد جاء بالعراق وفر كثير - يعني بالوفر الثلج وقال في مغسل الشراب وهو جردان إني إذا ما حضرت في ملأ عددت من بعض آلة الفرح إذا تصدرت في مجالسهم تنغصوا لي بفاضل القدح وللبديع الاسطرلابي من الكتب اختصار ديوان أبي عبد اللّه الحسين بن الحجاج زيج سماه المعرب المحمودي ألفه للسلطان محمود أبي القاسم بن محمد‏.‏

أبو القاسم هبة اللّه بن الفضل بغدادي المولد والمنشأ وكان يعاني صناعة الطب ويباشر أعمالها ويعد من جملة الموصوفين بها وكان أيضاً يكحل إلا أن الشعر كان أغلب عليه وكان كثير النوادر خبيث اللسان وله ديوان شعر وكان بينه وبين الأمير أبي الفوارس سعد بن محمد بن الصيفي الشاعر المسمى حيص بيص شنآن وتهاتر وكانا قد يصطلحان وقتاً ثم يعودان إلى ما كانا فيه وسبب تسمية الحيص بيص بهذا أنه كان العسكر ببغداد قد همّ بالخروج إلى السلطان السلجوقي وذلك في أيام المقتفي لأمر اللّه فكان الناس من ذلك في حديث كثير وحركة زائدة فقال ما لي أرى الناس في حيص بيص فلقب بذلك وكان الذي ألصق به هذا النعت أبو القاسم هبة اللّه بن الفضل وكان الحيص بيص يقصد في كلامه أبداً وفي رسائله الفصاحة البليغة والألفاظ الغريبة من اللغة ومن ذلك حدثني بعض العراقيين أن الحيص بيص كان قد نقه من مرض عاده فيه أبو القاسم بن الفضل فوصف له أكل الدراج فمضى غلامه واشترى دراجاً واجتاز على باب أمير وبه غلمان ترك أصاغر يلعبون فخطف أحدهم الدراج من الغلام ومضى فأتى الغلام إليه فأخبره الخبر فقال له ائتني بدواة وبيضاء فأتاه بهما فكتب لو كان مبتر دراجه فتخاء كاسر وقف بها السغب بين التدوين والتمطر فهي تعقي وتسف وكان بحيث تنقب أخفاف الإبل لوجب الأغذاذ إلى نصرته فكيف وهو ببحبوحة كرمك والسلام ثم قال لغلامه امض بها وأحسن السفارة في وصلتها إلى الأمير فمضى ودفعها لحاجبه فدعا الأمير بكاتبه وناوله الرقعة فقرأّها ثم فكر ليعبر له عن المعنى فقال له الأمير ما هو فقال مضمون الكلام إن غلاماً من غلمان الأمير أخذ دراجاً من غلامه فقال اشتر له قفصاً مملوءاً دراجاً فاحمله إليه ففعل وحدثني شيخنا الحكيم مهذب الدين عبد الرحيم بن علي رحمه اللّه أن الحيص بيص الشاعر ببغداد كان قد كتب إلى أمين الدولة بن التلميذ ورقة يقصد فيها أن ينفذ إليه شياف أبار وهي أزكنك أيها الطب اللب الآسي النطاسي النفيس النقريس أرجنت عندك أم خنور وسكعت عنك أم هوير إني مستأخذ أشعر في حنادري رطساً ليس كاسب شبوة ولا كنخر المنصحة ولا كنكز الحضب بل كسفع الزخيخ فأنا من التباشير إلى الغباشير لا أعرف ابن سمير من ابن جمير ولا أحْسِنُ صفوان من همام بل آونة أرجحن شاصيا وفينة أحبنطي مقلوليا وتارة أعرنزم وطوراً واسلنقي كل فعل مع أح وأخ وحس وتهم قرونتي أن أرفع عقيرتي بيعاط عاط إلى هياط ومياط وهالي أول وأهون وجبار ودبار ومؤنس وعروبة وشيار ولا أحيص ولا أكيص ولا أغرندي ولا أسرندي لوقته فتبادرني بشياف الآبار النافع لعلتي الناقع لغلتي قال فلما قرأ أمين الدولة الورقة نهض لوقته وأخذ حفنة شياف آبار وقال لبعض أصحابه أوصله إياها عاجلاً ولا نتكلف قراءة ورقة ثانية وكتب الحيص بيص إلى المقتفي لأمر اللّه سبع رقاع عند طلبه بعقوباً منه الأولى أنها لطايا ولاء حملت سفر ثناء غرد بها حادي رجاء والمنزل الفناء‏.‏

الثانية أجري جياد حمد في ساحات مجد إجراء ممطر نهد من غير باعثة وجهد منتجعاً غب الغاية كرماء‏.‏

الثالثة جد يا أمير المؤمنين بوفر دثر لا بكي ولا نزر لمفصح شعر يمم لجة بحر يرتاد عتاد دهر فالقافية سحر والسامع حبر والعطاء غمر‏.‏

الرابعة إن الموصل واليغاران هما إقطاع ملكين سلجووقيين وكانتا جائزتين لشاعرين طائيين من إمامين مرضيين أحدهما معتصم باللّه والآخر متوكل على اللّه والبناء الأشرف أعظم وعطاؤه الخامسة خامسة من الخدم في انتجاع شابيب الكرم من القدس الأعظم حلوان قافية تجري كناجية بمخترق بادية تهدي سفراً وتسهل وعراً والرأي بنجح آمالها أحرى‏.‏

السادسة إن وراء الحجاب المسدل لا يهم طود وخضم يم مخرس خطب وقاتل جدب جل فبهر وعز فقهر ونال فغمر صلوات اللّه عليه ما هبت الريح ونبت الشيح‏.‏

السابعة يا أمير المؤمنين مائة بيت شعر أو سبع رقاع نثر أتذاد عن النجح ذياد الحائمات كلا أن الأعراق لبوية والمكارم عباسية والفطنة لوذعية وكفى بالمجد محاسباً ماذا أقول إذا الرواة ترنموا بفصيح شعري في الإمام العادل واستحسن الفصحاء شأن قصيدة لأجل ممدوح وأفصح قائل وترنحت أعطافهم فكأنما في كل قافية سلافة بابل ثم انثنوا غب القريض وضمنه يتساءلون عن الندى والنائل هب يا أمير المؤمنين بأنني قص الفصاحة ما جواب السائل وكانت وفاة أبي القاسم بن الفضل في سنة ثمان وخمسين وخمسمائة ومن شعر أبي القاسم هبة اللّه أنشدني مهذب الدين أبو نصر محمد بن محمد بن إبراهيم الحلبي قال أنشدني بديع الدين أبو الفتح منصور بن أبي القاسم بن عبد اللّه بن عبد الدائم الواسطي المعروف بابن سواد العين قال في العسكر المنصور نحن عصابة مرذولة أخسس بنا من معشر خذ عقلنا من عقدنا فيما ترى من خسة ورقاعة وتهور تكريت تعجزنا ونحن بجهلنا نمضي لنأخذ ترمذاً من سنجر أما الحويزي الدعي فإنه دلو يشوب تكبراً بتمسخر يكنى أبا العباس وهو بذلة حكمت عليه وأسجلت بمعمر في كف والده وفي أقدامه آثار نيل لا يزال وعصفر يمشي إلى حجر القيان بنشطة ويدب في المحراب نحو المنبر وحديثه في الحق أو في باطل لم يخله من وحشة وتمهزر وإذا رأى البركيل يرعد خيفة ذي الهاشمية أصلها من خيبر نسب إلى العباس ليس شبيهه في الضعف غير الباقلاء الأخضر والحيص بيص مبارز بقناته وأنا بشعشعتي طبيب العسكر هذاك لا يُخشى لتقل بعوضة وأنا فلا أرجى لبرء مدبر وأنشدني أيضاً قال أنشدني البديع أبو الفتح الواسطي قال أنشدني المذكور لنفسه يمدح سيف الدولة أبا عبد اللّه محمد بن الأنباري كاتب الإنشاء ببغداد يا من هجرت فما تبالي هل ترجع دولة الوصال ما أطمع يا عذاب قلبي أن ينعم في هواك بالي الطرف من الصدود باك والجسم كما ترين بالي والقلب كما عهدت صاب باللوعة والغرام صالي والشوق بخاطري مقيم ما يؤذن عنه بارتحال يا من نكأت صميم قلبي بالحزن وصورة الخبال هيهات وقد سلبت غمضي أن أظفر منك بالخيال لو شئت وقفت عند حدٍ لا يسمح منك في الدلال ما ضرك أن تعلليني في الوصل بموعد محال أهواكِ وأنت حظ غيري يا قاتلتي فما احتيالي والقتل لظاهري شعار أن أنت عززت باختيال واللوَّم فيك يزجروني عن حبك ما لهم ومالي ا # لعشق به الشغاف أضحى عن ذكر سواك في اشتغال والنار وإن خبت لظاها في الصدر تشب باشتعال يا ملزمي السلو عنهما الصب أنا وأنت سالي والقول بتركها صواب ما أحسنه لو استوى لي دعني وتغزلي بخود ترنو وتُغن عن غزال حوراء لطرفها سهام أمضى وأمضّ من نبال في القلب لوقعها جراح لا برء لها من اغتيال فارحم قلقا بها وقيذا واعذره فما العذار خالي ما يجمل أن تلوم صبا إن هام بربة الجمال إياك وخلني وويلي في الوجد مسلماً لحالي إن كنت تعده صلاحاً دعني فهداي في ضلالي في طاعتها بلا اختياري قد صح بعشقها اختلالي لم أحظ بطائل لديها إلا بزخارف المحال كم قد نكلت عقيب عهد فالقلب لذاك في نكال كما غرني الخداع منها في القاع علي ظمأ الزلال هلاَّ صدقت كأريحي من أكرم معشر وآل راجية لديه في جناب بالأنعم سابغ الظلال ما الغيث يسح من يديه كالغيث يسح في الفعال كالغيث يسح في الفعال من موئله ذرى سديد من موئله ذرى سديد الدولة ذي الندى المدال لا تطمع أن تنال منه بالضيم مرادها الليالي والغدر لعله حمام قد رقن له بلا اعتدال تسقيه يد النجاح منها ما شاء ببادر زلال في ربع مهنأ العطايا في الأزمة مسبل العزالي ما زال ولا يزال طبعاً يعطي كرماً ولا يبالي يعطي كرماً ولا يبالي لا يعحبه ملام ناه لا يعحبه ملام ناه في الذب عن العلى بمال فالسؤدد شمله جميع في دار مفرق النوال من يلق محمداً بمدح يحمده بأحسن الخلال والوجد بغادة رداح فالأعظم منه كالخلال والجود بكف ذي سماح من خير مناقب الرجال مولاي نداء مستجير يدعوك لدائه العضال يا أكرم منعم عليه في دفع مآربي اتكالي دبر محني لعل جرحي يجبره نداك باندمال كم أوقفني غريم سوء في حال وقوفه حيالي كالمفلس من يهود هطرى في قبضة عامل الجوالي ما أكحل بالهجاء لكن بالقصد لكفك اشتغالي فالعرض أرده سميناً والكيس محالف الهزال من دبر هكذا مزاجا بالحذق لصورة الكمال الصبغ إذا أتاه عفواً وافاه برزقه الحلال يا خير مؤل إليه شددت بمدائحي رحالي لم يقضك خاطري حقوقاً مذ أصبح ظاهر الكلال إن أثن عليك أبد عجزاً عن نعت معظم الجلال أوصافك في الفخار جازت في الكثرة عدة الرمال فالخط طوالها قصار عن خطك ساعة النزال كم راع بك القنا يراع في كفك واسع المجال أقلامك أسهم قواض والنقش لهن كالنصال تقضي ثعل لها بفخر والقارة ساعة النضال تملى فقراً من المعاني سددن مفاقر المعالي ينفثن على الصباح ليلاً ناهيك بسحرها الحلال كتب ضمنت بلا اشتراط تمزيق كتائب جلال هاروت إذا أتته ولى لا يخطر بابلاً ببال فيها سبح على لجين أسنى قيماً من اللآلي في النشر كأوجه العذارى غلفن بفاخر الغوالي الفاظك للوعول حطت مستنزلة من الفلال بالكيد تقتل الأعادي في السلم لها بلا قتال كم رضت من الورى جموحاً للعقل فعاد في عقال لا زلت موفق المساعي بالجد مشفع بالسؤال تنقاد لك الأمور طوعا يا خير بقية الرجال يا أكرم والد لنجل يتلوه مهذب الخلال لا زال مشرقاً منيراً في ظلك دائم الكمال ما عادك بالسرور عيد ترعاه بأحسن اشتمال في أسبغ نعمة وعيش بالطيبة دائم التوالي لا زال علاك في ثبات لا يسلمه إلى زوالي عن أخلص نية بصدق في طول بقائك ابتهالي ما يلتبس الصحيح يوماً تاللّه عليك بالمحال وأنشدني أيضاً قال أنشدني البديع الواسطي قال أنشدني المذكور لنفسه لا أمدح اليأس ولكنه أروح للقلب من المطمع أفلح من أبصر عشب المنى يرعى فلم يرع ولم يرتع وأنشدني أيضاً قال أنشدني البديع الواسطي قال أنشدني المذكور لنفسه يا معشر الناس النفير النفير قد جلس الهردب فوق السرير وصار فينا آمراً ناهياً وكنت أرجو أنه لا يصير فكلما قلت قذى ينجلي وظلمة عما قليل تنير وأنشدني أيضاً قال أنشدني البديع الواسطي قال أنشدني المذكور لنفسه وقال في الحيص بيص الشاعر وكانت قد نبحت عليه كلبة مجرية فقتل جرواً لها بالسيف يا أيها الناس إن الحيص بيص أتى بفعلة أورثته الخزي في البلد هو الجبان الذي أبدى شجاعته على جريّ ضعيف البطش والجلد فأنشدت أمه من بعدما احتسبت دم الأبليق عند الواحد الصمد أقول للنفس تأساء وتعزية إحدى يدي أصابتني ولم ترد كلاهما خلفٌ من فقد صاحبه هذا أخي حين أدعوه وذا ولدي وأنشدني أيضاً قال أنشدني البديع الواسطي قال أنشدني المذكور لنفسه يا ابن المرخم صرت فينا حاكماً خرف الزمان تراه أم جن الفلك إن كنت تحكم بالنجوم فربما أما شريعة أحمد من أين لك وأنشدني أيضاً قال أنشدني البديع الواسطي قال أنشدني المذكور لنفسه يهجو البديع الاصطرلابي لا غرو أن دهي الحجيج وإن رموا منه بنكبه حج البديع وعرسه وفتاه فانظر أي عصبة ومن شعر أبي القاسم هبة اللّه بن الفضل أيضاً قال يهجو أمين الدولة بن التلميذ هذا تواضعك المشهور عن ضعة قد صرت فيه بفضل اللؤم متهم قعدت عن أمل الراجي وقمت له هذا وثوب على القصاد لا لهم وقال أيضاً غزال قط لا يهوى سوى المطبوعة التبر ولا يعجبه المطبو - - ع من نظمي ولا نثري وقال أيضاً أحسنت يا عسكر دين الهدى - - منهزماً في خمسمائة ألف كأنه الحبال في سيره - - يزداد إقداماً إلى خلف وقال أيضاً ألا قل ليحيى وزير الأنام محوت الشريعة محو السطور كسرت الصحاح بتصحيحها وأصبحت تضربها في الجذور وما أن قصدت لتهذيبها ولكن لتهذي بها في الصدور فقلت سيفتح الأقفال شعري ويدخلها فإن البرد لص وقال يمدح الدواء المعروف ببر شعثا لما ألف تركيبه أوحد الزمان تجرعت برشعثا وحالي أشعث فما نزلت بي بعده علة شعثا ولو بعد عيسى جاز إحياء ميت لأصبح يحيا كل ميت ببرشعثا وقال أيضاً هذا يقول استرحنا وذا يقول عصينا ويكذبان ويهذي الذي يصدق منا وقال أيضاً كم ترددت مراراً وتجرعت مراره ثم لما وفق اللّه ووقعت بكاره لم يكن فيها من الحنطة ما تقرض فاره وقال أيضاً أمدحه طوراً وأهذي به طوراً ولا أطمع في رفده يا خائف الهجو على نفسه كن في أمان اللّه من مسه أنت بهذا العرض بين الورى مثل الخرا يمنع من نفسه وقال أيضاً كلما قلت قد تبغدد قومي تحمصصوا ليس إلا ستر يشا - - ل وباب مجصص والغواشي على الرؤ - - وس عليها المقرنص وأنا الكلب كل يو - - م لقرد أبصبص كلما صفق الزما - - ن لهم قمت أرقص فمتى أسمع الندا - - ء وقد جاء مخلص ولأبي القاسم هبة اللّه من الكتب تعاليق طبية مسائل وأجوبتها في الطب ديوان شعره العنتري هو أبو المؤيد محمد بن المجلي بن الصائغ الجزري كان طبيباً مشهوراً وعالماً مذكوراً حسن المعالجة جيد التدبير وافر الفضل فيلسوفاً متميزاً في علم الأدب وله شعر كثير في الحكمة وغيرها‏.‏

وحدثني الحكيم سديد الدين محمود بن عمر رحمه اللّّه إن العنتري كان في أول أمره يكتب أحاديث عنتر العبسي فصار مشهوراً بنسبته إليه‏.‏

ومن كلامه في الحكمة قال بني تعلم العلوم فلو لم تنل من الدنيا إلا الغنى عمن يستعبدك بحق أو بباطل وقال بني إن الحكمة العقلية تريك العالم يقادون بأزمة الجهل إلى الخطأ والصواب وقال الجاهل عبد لا يعتق رقه إلا بالمعرفة وقال الحكمة سراج النفس فمتى عدمتها عميت النفس عن الحق وقال الجاهل سكران لا يفيق إلا بالمعرفة وقال الحكمة غذاء النفس وجمالها والمال غذاء الجسد وجماله فمتى اجتمعا للمرء زال نقصه وتم كماله ونعم باله وقال الحكمة دواء من الموت الأبدي‏.‏

وقال كون الشخص بلا علم كالجسد بلا روح وقال الحكمة شرف من لا شرف له قديم وقال الأدب أزين للمرء من نسبه وأولى بالمرء من حسبه وأدفع عن عرضه من ماله وأرفع لذكره من جماله‏.‏

وقال من أحب أن ينوه باسمه فليكثر من العناية بعلمه‏.‏

وقال العالم المحروم أشرف من الجاهل المرزوق وقال عدم الحكمة هو العقم العظيم‏.‏

وقال الجاهل يطلب المال والعالم يطلب الكمال وقال الغم ليل القلب والسرور نهاره‏.‏

وشرب السم أهون من معاناة الهم ومن شعر أبو المؤيد محمد بن المجلي بن الصائغ المعروف بالعنتري أنشدني إياه الحكيم سديد الد ين محمود بن عمر بن رقيقة قال أنشدني مؤيد الدين ولد العنتري قال أنشدني والدي لنفسه احفظ بني وصيتي واعمل بها فالطب مجموع بنص كلامي قدم على طب المريض عناية في حفظ قوته مع الأيام بالشبه تحفظ صحة موجودة والضد فيه شفاء كل سقام أقلل نكاحك ما استطعت فإنه ماء الحياة يراق في الأرحام واجعل طعامك كل يوم مرة واحذر طعاماً قبل هضم طعام لا تحقر المرض اليسير فإنه كالنار يصبح وهي ذات ضرام وإذا تغير منك حال خارج فاحتل لرجعة حل عقد نظام لا تهجرن القيء واهجر كل ما كيموسه سبب إلى الأسقام إن الحمى عون الطبيعة مسعد شاف من الأمراض والآلام وخذ الدواء إذا الطبيعة كررت بالاحتلام وكثرة الأحلام وإذا الطبيعة منك نقت باطناً فدواء ما في الجلد بالحمام إياك تلزم أكل شيء واحد فتقود طبعك للأذى بزمام وتزيد في الأخلاط إن نقصت به زادت فنقص فضلها بقوام والطب جملته إذا حققته حل وعقد طبيعة الأجسام ولِعَقلِ تدبير المزاج فضيلة يشفى المريض بها وبالأوهام أقول وهذه القصيدة تنسب أيضاً إلى الشيخ الرئيس بن سينا وتنسب إلى المختار ابن الحسن بن بطلان والصحيح أنها لمحمد بن المجلي لما قدمته من إنشاد سديد الدين محمود بن عمر لي مما أنشده مؤيد الدين بن العنتري لوالده مما سمعه منه ووجدت العنتري أيضاً ذكرها في كتابه المسمى بالنور المجتنى وقال إنها له وقال أيضاً أنشدنيها سديد الدين وجودي به من كل نوع مركبٍ من العالم المعقول والمتركِّب فذهني مشكاة ونفسي زجاجة تضيء بمصباح الحجا المتلهِّب ونوري من النور الإلهي دائماً يصب على ذاتي بغير تسكُّب وقال أيضاً إذا أن غدا والنفس منه كجنة يغرد في أرجائها كل طائر تدبرت السبع الطباق وفارقت على شرف منها سجون العناصر وقال أيضاً وكأننا ممتزج لم يزل من عالم النيِّر والمُظْلِم فبعضنا يختارها داره وبعضنا يرقى إلى الأنجم وقال أيضاً الحق ينكره الجهول لأنه عدم التصور فيه والتصديقا فهو العدو لكل ما هو جاهل فإذا تصوره يعود صديقا وقال أيضاً لو كنت تعلم كل ما علم الورى جمعاً لكنت صديق كل العالم لكن جهلت فصرت تحسب كل من يهوى خلاف هواك ليس بعالم استحي أن العقل أصبح ضاحكاً مما تقول وأنت مثل النائم لو كنت تسمع ما سمعت وعالِماً ما قد علمت خجلت خجلة نادم وقال أيضاً أبلغ العالمين عني بأني كل علمي تصور وقياس قد كشفت الأشياء بالفعل حتى ظهرت لي وليس فيها التباس وعرفت الرجال بالعلم لما عرف العلم بالرجال الناس وقال أيضاً قالوا رضيت وأنت أعلم ذا الورى بحقائق الأشياء عن باريها تجتاب أبواب الخمول فقلت عن كره ولست بجاهل راضيها لي همة مأسورة لي صادفت سعداً بغير عوائق تثنيها ضاق الفضاء بها فلا يسطيعها لعلوها الأفلاك أن تحويها ما للمقاصد جمة ومقاصدي ناط القضاء بها الفضا والتيها أطوي الليالي بالمنى وصروفها تنشرنني أضعاف ما أطويها إني على نوب الزمان لصابر إما سيفنى العمر أو يفنيها أما الذي يبقى فقد أحرزته والفانيات فما أفكر فيها فقد يسود الفتى من غير سابقة للأصل بالعلم حتى يبلغ الشهبا غذ العلوم بتذكار تزد أبداً فالنار تخمد مهما لم تجد حطبا إني أرى عدم الإنسان أصلح من عمر به لم ينل علماً ولا نسبا قضى الحياة فلما مات شيعه جهل وفقر فقد قضَّاهما نصبا وقال أيضاً كن غنياً إن استطعت وإلا كن حكيماً فما عدا ذين غفل إنما سؤدد الفتى المال والعلم وما ساد قط فقر وجهل وقال أيضاً اقسم العمر ثلاثاً واستمع يا بني النصح مني والرشادا فاطلب الحكمة في أوله واحرز العلم وجب فيه البلادا واكسب الأموال في الثاني وكل واشرح الراح ولا تبغ الفسادا وترقب آخر العمر فإن جاءك الموت فقد نلت المرادا وإن اعتاقك في إحداهما طارق الموت فقد حزت الجهادا بني تعلم حكمة النفس إنها طريق إلى رشد الفتى ودليل ولا تطلب الدنيا فإن كثيرها قليل وعما رقدة فتزول فمن كان في الدنيا حريصاً فإنه يظل كئيب القلب وهو ذليل ومن يترك الدنيا وأصبح راهباً فما للأذى يوماً إليه سبيل وقال أيضاً نفسي تطالبني بما في طبعها والعقل يزجرها عن الشهوات والنفس تعلم أن ذلك واجب والطبع يجذبها إلى العادات والطبع يقصر عن مراد كليهما فكلاهما وقف على الحسرات والنفس من خمر الحياة وسكرها ستفيق بين عساكر الأموات وقال أيضاً لا تدنين فتى يودك ظاهراً حباً وضد وداده في طبعه واهجر صديقك إن تنكر وده فالعضو يحسم داؤه في قطعه وقال أيضاً وقال أيضاً عدّل مزاجك ما استطعت ولا تكن كمسوّف أودى به التخليط واحفظ عليك حرارة برطوبة تبقى فتركك حفظها تفريط واعلم بأنك كالسراج بقاؤه ما دام في طرف الذبال سليط وقال أيضاً ثقلة الجسم يستمد غذاه طلباً منه للبقا والدوام هو لما رأى التحلل طبعاً أخلف المثل بالغذا والطعام وقال أيضاً ومخطف الخصر زارنا سحراً في غنج عينيه سحر هاروت يحمل تفاحة موردة كدرة رُصِّعت بياقوت كأنها النجم في توقده قارن بدرَ السماء في حوت وقال أهدى إليّ بالرحبة بشر بن عبد اللّه الكاتب طبقا من تفاح لم أشاهد مثله حمرة وندا فكتبت إليه وقد كان طلب مني تشبيهاً في التفاح فقلت له إذا حضر عملت فيه تشبيهاً فنفذ ذلك فكتبت إليه راح تريح من الهموم وطبعها ينفي السقام وينعش الأرواحا أهدي الرئيس وفي نداه سجية تهدي النفائس غدوة ورواحا طبقاً من التفاح إني لم أزل أهوى الثمار وأعشق التفاحا إن الطبيعة والمزاج تشاركا في الكون لما أوجداه سماحا صاغاه كالكافور لكن جلده قد ألبساه من النجيع وشاحا فكأنه من لون حبي قابس وكأنه من نشر بشر فاحا وقال في النارنج سقياني من مخدرات الدنان بنت كرم حمراء كالأرجوان وأدرها في مجلس أرهجته نغمات النايات والعيدان وكأن الكؤوس فيه نجوم أطلعتها أيدي البدور الحسان وابتدت بعد قطعها فلك السعد جميعاً تغيب في الأبدان وكأن النارنج بين الندامى أكرا مثلت من الزعفران ينتقل الرمان في أثرها مخافة من ضرر السكر كأنه وهو خبير به يكسر الياقوت بالدر وقال أيضاً وبابلي اللحاظ كالقمر أصبح في الأرض فتنة البشر أولاه فيض الجمال أجمعه والحسن والظرف واهب الصور خشيت من عقرب به قمر فكيف بالعقربين في قمر وقال أيضاً ومهفهف يغشى العيون غريقه في لج ماء الحسن منه وموجه قلم الطبيعة خطه والمشتري يملي عليه عطارد من أوجه وقال في غلمان يسبحون بدجلة وسرب غيد بشاطئ دجلة خرجوا عن الثياب وألقوا سائر الكلف كأنهم وسط لج الماء أجمعهم در تجرد في بحر عن الصدف وقال في غلام في الحمام سكب الماء فوق جسم حكى الفضة حتى اكتسى غلالة ورد وقال وكتبها إلى صديق جاء شعبان منذراً بالصيام فاسقياني راحاً بماء الغمام خندريساً كأنها الشمس لوناً وضياء أسفى من الأوهام واسقني من يمين أغيد ريم من بني الترك مثل بدر التمام فكأن الصهباء في الحسن والسا قي بها والحباب فوق المدام شمس ظهر في كف بدر عليها سمط در حكى نجوم الظلام سيما والربيع بالورد عاف يومه يشتري بسبعين عام وقال أيضاً كتبت وبي من لاعج الشوق والأسى إليك جوى يوهي القوى والقوادما ولولا الرجا أن يجمع اللّه بيننا كأحسن ما كنا أتيتك قادما ولكنني أدعو إلى الواحد الذي يرى كل شيء أن يردك سالما وقال أيضاً قض الزمان ولا تبع طمعاً نقداً بوعد ترتجيه غدا واشرب بها صفراء صافية تنفي الهموم وتسلب الكمدا راحاً إذا بزلت بآنية قذفت على حافاتها الزبدا فالعاقل الفطن اللبيب إذا نال المنى في منزل قعدا إني لأهوى شرب صافية مقطوبة في الكأس من بردى من كف من يهوى الفؤاد بها تسعى بها والليل قد بردا تسقي ندامى كالنجوم غدوا بيض الوجوه تخالها بردا ما نلتقي إلا حليف حجى يلقي العلوم وشادياً غردا وقال أيضاً سلام كأنفاس الرياض بعالج يبلغه ريح الصبا أرض جلق إلى ساكن فيها وفي القلب مثله مقيماً به عقلاً إلى حين نلتقي إلى جنة الدنيا جميعاً وليتني أنخت بها يوماً من الدهر أينقي سلام من الشعرى اليماني دائماً إلى تربها الشامية المتألق وإن مزق الدهر المعاند شملنا فإن ودادي ليس بالمتمزق وبدلني بالصد منك فحالتي كحالة مأسور بغربة موثق ومن نكد الدهر الغشوم وصرفه يجاور رغماً فيلسوف لأحمق وقال أيضاً يا حجة الدين سر باللّه معتصماً ولا تكن لفراق حم ذا أسف فللكواكب عذر في تنقلها عن البيوت لكي تحتل بالشرف الدر لولا نحور الغيد ما خرجت به المقادير أحياناً من الصدف فاقبل إلى ملك ما نال غايته وما حواه ملوك الأرض في السلف هو الهيولى وأنت الجسم تقبل أصناف المعالي قبولاً غير مختلف وقال استدعاني الرضا وزير الجزيرة في ليلة ممطرة فكتبت إليه مع الغلام قل للوزير أدام اللّه نعمته في دولة أمرها في الحضر والبادي بعثت في طلبي والغيث منسكب والوحل قد كف سير الرائح الغادي دعني من المطل الذي لا ينقضي أبداً وسقم القلب بالتعليل قل لي نعم أو لا بغير توقف فاليأس أروح لي من التطويل لأكون من طمعي الكذوب كمن رأى أضغاث أحلام بلا تأويل وقال يهجو علي بن مسهر الشاعر ما ولدت سعلاء من جن عبقر بأقبح شخص من علي بن مسهر له هامة صلعاء من فوق قامة مقوسة حدباء في دور خنصر بها جُعَل ما بين فكيه كامن يزج الخرا من فيه في كل محضر ولما شكى داء قديماً بدبره إلي وداء من فم منه أبخر فقلت دواء الدبر طعنة أجرد عريض القفا عريان أقرع أعور تناك به من بين فخذي موسوس به جنة كالعير هوج أيُّر وما يشتكي فوك الخبيث دواؤه بمسواك جعس مجه حجر خيبري وكلْ من جوارشن البطون فإنه لدائك أشفى من جوارشن قيصر فقلت من أعظم الرزايا قفل على منزل خراب أحسن ما كنت في عباة ملفوفة الرأس في جراب وقال يمتدح فضيلة الشرع إن الشريعة ألفت بصلاحها للعالم المتضادد المتمازج الشرع أصلح كل غاو مارد وأمات شرة كل جان مارج لولا الشريعة ما تجمع واستوى شمل الورى ومنوا بشر هائج إن الشريعة حكمة ومنافع لمداخل ومصالح لمخارج والعقل نور اللّه إلا أنه للعالم المحسوس غير ممازج فمتى اكتفيت بفعل عقل داخل فسدت أمورك كلها من خارج الأنبياء كواكب تهدي إلى سبل الهدى لذوي السرى والدالج وقال حين ترك الخمر وتاب عنه وعن المدح بالشعر نار الحميا ونار الفكر مذ نهكا جسمي تركت الحميا خشية النار والكأس بالطبع تصدي عقل شاربها والسكر يسلب منه حكمة الباري وعوضت عنها النفس كاسات حكمة تعللتها فازددت شوقاً إلى الساقي وللعنتري من الكتب كتاب النور المجتنى من روض الندماء وتذكار الفضلاء الحكماء ونزهة الحياة الدنيا رتبه على فصول السنة وضمنه أشعاراً وفوائد حسنة لجماعة من الأدباء ولنفسه أيضاً وأبان فيه عن فضل كتاب الجمانة في العلم الطبيعي والإلهي كتاب الأقراباذين وهو أقراباذين كبير استقصى فيه ذكر الأدوية المركبة وأجاد في تأليفه رسالة الشعرى اليمانية إلى الشعرى الشامية كتبها إلى عرفة النحوي بدمشق جواباً عن رسالة كتبها إليه من دمشق رسالة حركة العالم يهنئ بها وزيراً استدعي إلى وزارة بلد آخر وهو حجة الدين مروان لما وزره أتابك زنكي بن آق سنقر رسالة الفراق ما بين الدهر والكفر والإيمان رسالة العشق الإلهي والطبيعي‏.‏

 أبو الغنائم هبة اللّه بن علي بن الحسين بن اثردى

من أهل بغداد متميز في الحكمة فاضل في صناعة الطب مشهور بالجودة في العلم والعمل ولأبي الغنائم هبة اللّه بن علي بن اثردى من الكتب تعاليق طبية وفلسفية مقالة في أن اللذة في النوم في أي وقت توجد منه وألف هذه المقالة لأبي نصر التكريتي طبيب الأمير ابن مران علي بن هبة اللّه بن اثردى هو أبو الحسن علي بن هبة اللّه بن علي بن اثردى من أهل بغداد طبيب فاضل مشهور بالتقدم في صناعة الطب وجودة المعرفة لها حسن المعالجة جيد التصنيف‏.‏

ولعلي بن هبة اللّه بن اثردى من الكتب شرح كتاب دعوة الأطباء ألفه لأبي العلاء محفوظ ابن المسيحي المتطبب‏.‏

 سعيد بن اثردى

هو أبو الغنائم سعيد بن هبة اللّه بن اثردى من الأطباء المشهورين ببغداد وكان ساعور البيمارستان العضدي ومتقدماً في أيام المقتفي بأمر اللّه‏.‏

 أبو علي الحسن بن علي بن اثردى

فاضل في صناعة الطب جيد الأعمال حسن المعالجة وكان من المشكورين ببغداد

 جمال الدين علي بن اثردى

هو جمال الدين أبو الحسن علي بن أبي الغنائم سعيد بن هبة اللّه بن علي بن اثردى فاضل في صناعة الطب عال بها متميز في علمها وعملها كان همام الدين العبدي الشاعر قد استعار من جمال الدين علي بن اثردى كتاب مسائل حنين فقال يمدحه ويشعره بأن المسائل العارية قد حياك رقراق الحيا عني وخفاف النسيم فلأنت ذو الخُلْق الكريم وأنت ذو الخَلْق الوسيم غَدِقُ الأنامل بالندى لَبِقُ الشمائل بالنعيم ما افتر إلا فرّ جيش دُجْنَّةِ الليل البهيم نضر الفكاهة كالحما م جرى على زهر الجميم ويسير أوقات الثرا ء كثير أفراح النديم لا بالملول ولا الجدو ل ولا الجهول ولا المليم بل يشفع القول اللطيف بوافر الطول الجسيم ناد الورى مستصرخاً هل من صديق أو حميم حمال أعباء القرين منيع أكناف الحريم وادع الكرام ولن يجيب سوى أبي الحسن الحكيم سمعاً جمال الدين قو ل مصاحب الود السليم والوصلة العظمى حميد ولاية النبأ العظيم إنا ليجمعنا الولاء على صراط مستقيم وقال أيضاً يمدحه سل لم جفا جفني الوسن بعد بعاد من ظعن ومن نأى بالصبر لم غادر في قلبي الحزن وقل لمن خال الهوى قل لي على البعد وطن لم يبعد الوجد الذي خلفه البين ولن ولن ترى جوانحي ساكنة بعد سكن يا من يظن الحب من أيسر أحداث الزمن الحب ما صير ثو ب المرء للمرء كفن لا ما أسال مدمعاً أو جعل السر علن أما وممشوق القوا م ناعس الطرف أغن مفتتن به فتى لولا هواه ما افتتن أحن شوقاً وجوى فليته اشتاق وحن ولا أزال سائلاً عنه فهل يسأل عن هيهات أين ذو خلا من ذي غرام وشجن أخو الهوى ليس له من أسهم الوجد جنن تكاد تجري نفسه لولا ارتباط بالبدن وكيف لا أعشق معسول العطاء واللسن للمجد ما جاد به وللسماح ما خزن فسمحه ذكاؤه وللسماحات فطن لا ثلَّ عرش سعده ولا وهى ولا وهن أحمده لا طالباً منه على الحمد ثمن ولا وداد من نأى عن الظباء والضبن

 فخر الدين المارديني

هو الإمام فخر الدين أبو عبد اللّه محمد بن عبد السلام بن عبد الرحمن بن عبد الساتر الأنصاري كان أوحد زمانه وعلامة وقته في العلوم الحكمية قوي الذكاء فاضل النفس جيد المعرفة بصناعة الطب محاولاً لأعمالها كثير التحقيق نزيه النفس محباً للخير متقناً للغة متفنناً في العربية مولده في ماردين وأجداده من القدس وكان أبوه قاضياً ولما فتح نجم الدين الغازي بن أرتق القدس بعث جده عبد الرحمن إلى ماردين وقطن بها هو وأولاده وكان شيخ فخر الدين المارديني في الحكمة نجم الدين بن صلاح وهو نجم الدين أبو الفتوح أحمد بن السري وكان عجمياً من همذان استدعاه حسام الدين تمرتاش بن الغازي بن أرتق وكان ابن الصلاح فاضلاً في الحكمة جيد المعرفة بها خبيراً بدقائقها وأسرارها وله تصانيف في الحكمة وأقام في آخر عمره بدمشق وتوفي رحمه اللّه ودفن في مقابر الصوفية عند نهر بانياس بظاهر دمشق وقرأ فخر الدين المارديني صناعة الطب على أمين الدولة بن التلميذ وحدثني الحكيم سديد الدين محمود بن عمر المعروف بابن رقيقة عن فخر الدين الماردين أنه قرأ كتاب القانون لابن سينا على أمين الدولة بن التلميذ وباحثه فيه وبالغ في تصحيحه وتحريره معه وكان ابن التلميذ يقرأ عليه صناعة المنطق ومما قرأ عليه في ذلك كتاب المختصر الأوسط للجرجاني لابن سينا وأقام فخر الدين بن عبد السلام المارديني في مدينة حيني سنين كثيرة وكان في خدمة نجم الدين بن أرتق قال سديد الدين محمود بن عمر وكان قد صحب فخر الدين المارديني في مدينة حيني وقرأ عليه صناعة الطب ولازمه مدة طويلة ولم يكن يفارقه في سفره ولا حضره إن الشيخ فخر الدين المارديني رحمه اللّه وصل إلى دمشق وكنت معه في سنة سبع وثمانين وخمسمائة وأقرأ بها صناعة الطب وكان له مجلس عام للتدريس وكان من جملة من اشتغل عليه ولازمه مدة مقامه بدمشق الشيخ مهذب الدين عبد الرحيم بن علي وقرأ عليه الشيخ مهذب الدين بعض كتاب القانون لابن سينا وصححه معه ولم يزل الشيخ فخر الدين المارديني مقيماً بدمشق إلى آخر شهر شعبان سنة تسع وثمانين وخمسمائة فإنه توجه قاصداً إلى بلده ولما عزم على السفر أتاه الشيخ مهذب الدين وسأله إن كان يمكنه أن يقيم بدمشق ليتمم عليه قراءة كتاب القانون وأن يكون يوصل إلى وكيله برسم النفقة في كل شهر ثلثمائة درهم ناصرية فلم يفعل وقال العلم لا يباع أصلاً بل من كان معي فإنني أشغله أين كنت ولم يمكن مهذب الدين التوجه معه ولما سافر فخر الدين المارديني من دمشق وكان في طريقه بحلب نفذ إليه الملك الظاهر غازي بن الملك الناصر صلاح الدين واستحضره وأعجبه كلامه فطلب أن يقيم عنده فاعتذر إليه ولم يقبل منه الملك الظاهر ذلك وأطلق له مالاً كثيراً وأنعم عليه وكان عظيم المنزلة عنده وبقي في خدته نحو سنتين ثم سافر إلى ماردين‏.‏

أقول وتوفي فخر الدين المارديني رحمه اللّه يوم السبت الحادي والعشرين من ذي الحجة سنة أربع وتسعين وخمسمائة بآمد وله من العمر اثنتان وثمانون سنة ووقف جميع كتبه في ماردين في المشهد الذي وقفه حسام الدين بن أرتق وكان حسام الدين هذا فاضلاً حكيماً فيلسوفاً وقد وقف أيضاً في مشهده كتباً حكمية والكتب التي وقفها الشيخ فخر الدين هي من أجود الكتب وهي نسخه التي كان قد قرأ أكثرها على مشايخه وحررها وقد بالغ في تصحيحها وإتقانها‏.‏

وحدثني سديد الدين محمود بن عمر وكان حاضراً عند الشيخ فخر الدين المارديني وقت موته قال لم يزل الشيخ فخر الدين لما أحس بالموت يذكر اللّه تعالى ويمجده ولم يفتر عن ذلك إلى حين قضى وكان آخر شيء سمعناه منه اللّهم إني آمنت بك وبرسولك صدق أن اللّه يستحي من عذاب الشيخ‏.‏

ولفخر الدين المارديني من الكتب شرح قصيدة الشيخ الرئيس بن سينا التي أولها هبطت إليك من المحل الأرفع وكان شرحه لهذه القصيدة لما سأله الأمير عزّ الدين أبو القاسم الخضر بن أبي غالب نصر

 أبو نصر بن المسيحي

هو أبو نصر سعيد بن أبي الخير بن عيسى بن المسيحي من المتميزين في صناعة الطب والأفاضل من أهلها والأعيان من أربابها حدثني شمس الدين محمد بن الحسن بن محمد بن الكريم البغدادي قال مرض الخليفة الناصر لدين اللّه في سنة ثمان وتسعين وخمسمائة مرضاً شديداً وكان المرض بالرمل وعرض له في المثانة حصاة كبيرة مفرطة في الكبر واشتد به الألم وطال المرض وكان طبيبه أبو الخير المسيحي وكان شيخاً حسناً مسناً وقد خدمه مدة طويلة وكان خبيراً متقناً للصناعة ومات وقد قارب المائة سنة فامتد به المرض وضجر من المعالجات فأشار بأن تشق المثانة لإخراج الحصاة فسأل عن حذاق الجرائحين فأخبر برجل منهم يقال له ابن عكاشة من ساكني الكرخ بجانب بغداد الغرب فأحضر وشاهد العضو العليل وأمره ببطه فقال أحتاج أن أشاور مشايخ الأطباء في هذا فقال له من تعرف ببغداد من صالحي هذه الصناعة فقال يا مولانا أستاذي وشيخي أبو نصر بن المسيحي ليس في البلاد بأسرها من يماثله فقال له الخليفة اذهب إليه ومره بالحضور فلما حضر خدم وقبّل الأرض أمره بالجلوس فجلس ساعة ولم يكلمه ولم يأمره بشيء حتى سكن روعه فلما آنس منه ذلك قال له يا أبا نصر مثل نفسك أنك قد دخلت إلى بيمارستان وأنت تباشر به مريضاً قد ورد من بعض الضياع وأريد أن تباشر مداواتي وتعالجني في هذا المرض كما تفعل بمن هذه صفته فقال السمع والطاعة ولكني أحتاج أن أعرف من هذا الطبيب المتقدم مبادئ المرض وأحواله وتغيراته وما عالج به منذ أول المرض وإلى الآن‏.‏

فأحضر الشيخ أبو الخير وأخذ يذكر له ابتداءات المرض وتغيرات أحواله وما عالج به في أول الأمر إلى آخر وقت فقال التدبير صالح والعلاج مستقيم فقال الخليفة هذا الشيخ أخطأ ولا بد لي من صلبه فقام أبو نصر المسيحي وقبل الأرض وقال يا مولانا بحق نعمة اللّه عليك وبمن مضى من أسلافك الطاهرين لا تسن على الأطباء هذه السنة وأما الرجل فلم يخطئ في التدبير ولكن لسوء حظه لم ينته المرض فقال قد عفوت عنه ولكن لا يعود يدخل علي فانصرف ثم أخذ أبو نصر في مداواته فسقاه ودهن العضو بالأدهان الملينات وقال له إن أمكن نلاطف الأمر بحيث نخرج هذه الحصاة من غير بط فهو المراد وإن لم تخرج فذلك لا يفوتنا فلم يزل كذلك يومين وفي ليلة اليوم الثالث رمى الحصاة فقيل إنه كان وزنها سبعة مثاقيل وقيل خمسة وقيل إنها كانت على مقدار أكبر نواة تكون من نوى الزيتون وبرأ وتتابع الشفاء ودخل الحمام فأمر أن يدخل أبو نصر إلى دار الضرب ويحمل الذهب مهما قدر أن يحمله ففعل به ذلك ثم أتته الخلع والدنانير من أم الخليفة ومن ولديه الأميرين محمد وعلي والوزير نصير الدين أبي الحسن بن مهدي العلوي الرازي ومن سائر كبار الأمراء بالدولة فأما أم الخليفة وأولاده والوزير والشرابي نجاح فكانت الدنانير من كل واحد منهم ألف دينار وكذلك من أكابر الأمراء والباقين على قدر أحوالهم فأخبرت أنه حصل من العين الدنانير عشرين ألف دينار ومن الثياب والخلع جملة وافرة وألزم الخدمة وفرضت له الجامكية السنية والراتب والإقامة ولم يزل مستمراً في الحكمة إلى أن مات الناصر‏.‏

قال وحدثني بعض الأطباء أن ابن عكاشة الجرائحي كان قد نذر عليه أنه يتصدق في بيعة سوق الثلاثاء بالربع مما يحصل له وأنه حمل إلى البيعة مائتين وخمسين ديناراً وصرف أبو الخير المسيحي من الخدمة وقد كانت منزلته قبل هذا جليلة عنده ومحله مرتفع ووصله هبات وصلات عظيمة فمن جملتها أنه أعطاه خزانة كتب الأجل أمين الدولة بن التلميذ وكان مرض الناصر مراراً وبرأ على يده فحصل له فيها جمل وافرة ثم توفي الشيخ أبو الخير في أيام الناصر فقيل له إنه قد توفي وترك ولداً متخلفاً وجملة عظيمة من المال فقال لا يعترض ولده فيما ورثه من أبيه فما خرج عنا لا يعود إلينا‏.‏

ولأبي نصر بن المسيحي من الكتب كتاب الاقتضاب على طريق المسألة والجواب في الطب كتاب انتخاب الاقتضاب‏.‏

هو صاعد بن هبة اللّه بن توما نصراني من أهل بغداد وكان من الأطباء المتميزين والأكابر المتعينين حدثني شمس الدين محمد بن الحسن بن محمد بن الكريم البغدادي أنه كان طبيب نجم الدولة أبي اليمن نجاح الشرابي وارتقت به الحال إلى أن صار وزيره وكاتبه ثم دخل إلى الناصر وكان يشارك من يحضر من أطبائه في أوقات أمراضه ثم حظي عنده الحظوة التامة وسلم إليه عدة جهات يخدم بها وكان بين يديه فيها عدة دواوين وكتاب وقتل في سنة عشرين وستمائة وكان سببه أنه أحضر جماعة من الأجناد الذين كانت معايشهم تحت يده وأنه خاطبهم بما فيه بعض المكروه فكمن له منهم اثنان ليلاً فقتلاه بالسكاكين واعترضت تركته فأمر الخليفة بأن يحمل ما فيها من المال إلى الخزانة ويبقى القماش والملك لولده قال فأخبرني بعض البغداديين أنه حمل من داره إلى الخزانة من الدنانير العين ثمانمائة ألف وثلاثة عشر ألف دينار وبقي الأثاث والأملاك بما يقارب تتمة ألف ألف دينار فترك لولده أقول ووجدت الصاحب جمال الدين بن القفطي قد حكى من أحوال صاعد بن توما المذكور ما هذا نصه قال كان حكيماً طيباً حسن العلاج كثير الإصابة ميمون المعاناة في الأكثر له سعادة تامة في هذا الشأن وكان من ذوي المروءات والأمانات تقدم في أيام الناصر إلى أن كان بمنزلة الوزراء واستوثقه على حفظ أموال خواصه وكان يودعها عنده ويرسله في أمور خفية إلى وزرائه ويظهر له في كل وقت وكان حسن الوساطة جميل المحضر قضيت على يديه حاجات واستكفيت بوساطته شرور وسالمته الأيام مدة طويلة ولم ير له غير شاكر وناشر وكان الإمام الناصر في آخر أياه قد ضعف بصره وأدركه سهو في أكثر أوقاته لأحزان تواترت على قلبه ولما عجز عن النظر في القصص والإنهائات استحضر امرأة من النساء البغداديات تعرف بست نسيم وقربها وكانت تكتب خطاً قريباً من خطه وجعلها بين يديه تكتب الأجوبة والرقاع وشاركها في ذلك خادم اسمه تاج الدين رشيق ثم تزايد الأمر بالناصر فصارت المرأة تكتب الأجوبة بما تراه فمرة تصيب ومرة تخطئ ويشاركها رشيق في مثل ذلك واتفق أن كتب الوزير القمي المدعو بالمؤيد مطالعة وحلها وعاد جوابها وفيه اختلال بين فتوقف الوزير وأنكر ثم استدعى الحكيم صاعد بن توما وأسر إليه ما جرى وسأله عن تفصيل الحال فعرفه ما الخليفة عليه من عدم البصر والسهو الطارئ في أكثر الأوقات وما تعتمده المرأة والخادم من الأجوبة فتوقف الوزير عن العمل بأكثر الأمور الواردة عليه وتحقق الخادم والمرأة ذلك وقد كانت لهما أغراض يريدان تمشيتها لأجل الدنيا واغتنام الفرصة في نيلها فحدسا أن الحكيم هو الذي دله على ذلك فقرر رشيق مع رجلين من الجند في الخدمة أن يغتالا الحكيم ويقتلاه وهما رجلان يعرفان بولدي قمر الدولة من الأجناد الواسطية وكان أحدهما في الخدمة والآخر بطالا فرصدا الحكيم في بعض الليالي إلى أن أتى إلى دار الوزير وخرج عنها عائداً إلى دار الخلافة وتبعاه إلى أن وصل باب درب الغلة المظلمة ووثبا عليه بسكينيهما فقتلاه وكان بين يديه مشعل وغلام وانهزم الحكيم لما وقع إلى الأرض بحرارة الضرب إلى أن وصل إلى باب خربة الهراس والقاتلان تابعان له فبصرهما واحد وصاح خذوهم فعادا إليه وقتلاه وجرحا النفاط الذي بين يدي الحكيم وحمل الحكيم إلى منزله ميتاً ودفن بداره في ليلته ونفذ من البدرية من حفظ داره وكذلك من دار الوزير لأجل الودائع التي كانت عنده للحرم والحشم الخاص وبحث عن القاتلين فأمر بالقبض عليهما وتولى القبض والبحث إبراهيم بن جميل بمفرده وحملهما إلى منزله ولما كان في بكرة تلك الليلة أخرجا إلى موضع القتل وشق بطناهما وصلبا على باب المذبح المحاذي لباب الغلة التي جرح بها الحكيم وكان موت الحكيم وقتله في ليلة الخميس ثامن عشر جمادى الأولى سنة عشرين وستمائة‏.‏